دار شلير للطابعة والنشر - قامشلو

قريباً عن دار شلير للنشر البيتُ الأَزرَقْ

قريباً عن دار شلير للنشر

البيتُ الأَزرَقْ

للكاتب: طاهر تاننها

الترجمة للعربية: جوان تتر

مركز مزوبوتاميا للترجمة

كانت ثمَّة غيمةٌ بيضاء مبعثرة تسيرُ فوق كردستان، فوق ديار بكر، فوق حي “باغلار” فوق البيوت، ثمَّة حمامةٌ بيضاء أطلقت العنان لجناحيها المفتوحتين، فوق البيوت التي بلا أبواب، البيوت التي يعلو أحدها الآخر، الواطئة، المختلطة، متوجّهةً نحو بيتٍ مطليّ بالأزرق، حلَّقت بجناحيها فوق البيت، بين المباني المرتفعة، الشوارع الضيقة، ثمَّة فوضى والوقت قريبٌ من الظهيرة، حطَّت الحمامةُ فوق سطح منزل بَِنفش، البيتُ الأزرق، كانت بَنفش لا تزال أمام النافذة ناظرةً نحو الخارج، في جانبٍ ما ثمَّة أطفالٌ يخرجون من بيوتهم ليبدأوا اللَّعبَ، تعلو أصواتهم، بينما على الجانب الآخر ثمَّة رجلٌ وامرأة يمرَّان من رأس الشارع العلويّ. كان الرجل يحمل على كتفه حقيبة المرأة متعباً، مرتدياً قبَّعةً صغيرةً مائلة على رأسه، كانا يتوجَّهان خطوةً إثر أخرى نحو نهاية الشارع، كانت عينا بَنَفش متعلقتان بهما، تتابعان آثارهما المبعثرة، التفتت برأسها فتعلقت أنظارها بمنزل جارتها “وسيلة”. منذ سنواتٍ طويلة هاجرت بَنَفش قريتها، من قرية أبيها وأمها وأتت إلى هذه المدينة رغماً عنها وبقلبٍ مكسور، لم تكُ تعرفُ بنفش جيرانها، كانت تنسى أسماء الكثيرين منهم، لم يكن لها أن تنسى اسم “وسيلة”، كانت ترتاد منزلها أحياناً وتغرقان في مسامراتٍ طويلةٍ وعميقة، أغلقت بَنفش النافذة على الشارع الضيّق، على خيوط الشمس التي تشتدّ وهي تتوجَّهُ نحو الظهيرة.